مأكول ويسهم للفرس كما يسهم للفارس وليس للبغل شيء من هذه الفضائل فأحب صلى الله عليه وسلم أن ينمو عدد الخيل ويكثر نسلها لما فيها من النفع والصلاح، ولكن قد يحتمل أن يكون حمل الخيل على الحمر جائزاً لأن الكراهة في هذا الحديث إنما جاءت في حمل الحمر على الخيل لئلا تشغل أرحامها بنجل الحمر فيقطعها ذلك عن نسل الخيل فإذا كانت الفحولة خيلاً والأمهات حمرا فقد يحتمل أن لا يكون داخلا في النهي إلاّ أن يتأول متأول أن المراد بالحديث صيانة الخيل عن مزاوجة الحمر وكراهة اختلاط مائها بمائها لئلا يضيع طرقها ولئلا يكون منه الحيوان المركب من نوعين مختلفين فإن أكثر المركبات المتولدة بين جنسين من الحيوان أخبث طبعا من أصولها التي تتولد منها وأشد شراسة كالسِمع والعسبار ونحوهما، وكذلك البغل لما يعتريه من الشماس والحران والعضاض في نحوها من العيوب والآفات ثم هو حيوان عقيم ليس له نسل ولا نماء ولا يُذكي ولا يزكى.
قلت وما أرى هذا الرأي طائلا فإن الله سبحانه قال {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة}[النحل: ٨] فذكر البغال وامتن علينا بها كامتنانه بالخيل والحمير وأفرد ذكرها بالاسم الخاص الموضوع لها ونبه على ما فيها من الأرب والمنفعة. والمكروه من الأشياء مذموم لا يستحق المدح ولا يقع بها الامتنان، وقد استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم البغل واقتناه وركبه حضراً وسفراً وكان يوم حنين على بغلته حين رمى المشركين بالبحصباء وقال شاهت الوجوه فانهزموا ولو كان مكروهاً لم يقتنه ولم يستعمله والله أعلم.
[ومن باب الوقوف على الدابة]
قال أبو داود: حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا ابن عياش عن يحيى بن