وفيه من الفقه استحباب النكاح لمن تاقت إليه نفسه، وفيه دليل على أن النكاح غير واجب، ويحكى عن بعض أهل الظاهر أنه كان يراه على الوجوب وفيه دليل على جواز التعالج لقطع الباءة بالأدوية ونحوها.
وفيه دليل على أن المقصود في النكاح الوطء وأن الخيار في العُنَّة واجب.
[ومن باب ما يؤمر من ترويج ذات الدين]
قال أبو داود: حدثنا مسدد، قال: حَدَّثنا يحيى بن سعيد قال حدثني عبيد الله قال حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه، عَن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تنكح النساء لأربع لمالها ولحسبها ولدينها ولجمالها فاظفر بذات الدين تربت يداك.
قال الشيخ فيه من الفقه مراعاة الكفاءة في المناكح وأن الدين أولى ما اعتبر فيها.
وقوله تربت يداك كلمة معناها الحث والتحريض وأصل ذلك في الدعاء على الإنسان، يقال ترب الرجل إذا افتقر وأترب إذا أثرى وأيسر، والعرب تطلق ذلك في كلامها ولا يقصد بها وقوع الأمر.
وزعم بعض أهل العلم إن القصد به في هذا الحديث وقوع الأمر وتحقيق الدعاء. وأخبرني بعض أصحابنا عن ابن الأنباري أحسبه رواه عن الزهري أنه قال إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم له ذلك لأنه رأى أن الفقر خير من الغنى.
واختلف العلماء في تحديد الكفاءة فقال مالك بن أنس الكفاءة في الدين وأهل الإسلام كلهم بعضهم لبعض أكفاء وهو غالب مذهب الشافعي، وقد اعتبر فيها أيضاً الحرية وربما اعتبر غير ذلك أيضاً.
وقد روي معنى قول مالك عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وعبيد بن عمير وعمر بن عبد العزيز وابن سيرين وابن عون وحماد بن أبي سليمان.