قلت وفي الحديث دليل على جواز اعتكاف النساء وعلى أنه ليس للمرأة أن تعتكف إلاّ بإذن زوجها وعلى أن للزوج أن يمنعها من ذلك بعد الإذن فيه.
وقال مالك ليس له ذلك وقال الشافعي له أن يمنعها من ذلك بعد الإذن، وفيه كالدلالة على أن اعتكاف المرأة في بيتها جائز. وقد حكي جوازه، عَن أبي حنيفة؛ فأما الرجل فلم يختلفوا أن اعتكلفه في بيته غير جائز وإنما شرع الاعتكاف في المساجد. وكان حذيفة بن اليمان يقول لا يكون الاعتكاف إلاّ في المساجد الثلاثة مسجد مكة والمدينة وبيت المقدس. وقال عطاء لا يعتكف إلاّ في مسجد مكة والمدينة، وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال لا يجوز أن يعتكف إلاّ في الجامع، وكذلك قال الزهري والحكم وحماد.
وقال سعيد بن جبير وأبو قلابة والنخعي يعتكف في مساجد القبائل وهو قول أصحاب الرأي وإليه ذهب مالك والشافعي.
[ومن باب المعتكف يدخل البيت للحاجة]
قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله وكان لا يدخل البيت إلاّ لحاجة الإنسان.
قلت فيه بيان أن المعتكف لا يدخل بيته إلاّ لغائط أو بول فإن دخله لغيرهما من طعام وشراب فسد اعتكافه.
وقد اختلف الناس في ذلك فقال أبو ثور لا يخرج إلاّ لحاجة الوضوء الذي لا بد له منه. وقال إسحاق بن راهويه لا يخرج إلاّ لغائط أو بول غير أنه فرق