وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اختنث فم الإداوة ثم اشرب من فيها.
وقد ذكره أبو داود في هذا الباب فيحتمل أن يكون النهي إنما جاء عن ذلك إذا شرب من السقاء الكبير دون الأداوي ونحوها، ويحتمل أن يكون إنما أباحه للضرورة والحاجة إليه في الوقت، وإنما المنهي عنه أن يتخذه الإنسان دربة وعادة. وقد قيل إنما أمره بذلك لسعة فم السقاء لئلا ينصب عليه الماء والله أعلم.
ومن باب الشرب من ثُلمة القدح والنفخ في الشراب
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني قرة بن عبد الرحمن عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عَن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من ثلمة القدح وأن ينفخ في الشراب.
قال الشيخ: إنما نهى عن الشراب من ثلمة القدح لأنه إذا شرب منها تصبب الماء وسال قطره على وجهه وثوبه لأن الثلمة لا تتماسك عليها شفة الشارب كما تتماسك على الموضع الصحيح من الكوز والقدح. وقد قيل إنه مقعد الشيطان فيحتمل أن يكون المعنى في ذلك أن موضع الثلمة لا ينال التنظيف التام إذا غسل الإناء فيكون شربه على غير نظافة وذلك من فعل الشيطان وتسويله، وكذلك إذا خرج الماء فسال من الثلمة فأصاب وجهه وثوبه فإنما هو من اعنات الشيطان وايذائه إياه والله أعلم.
ومن باب الشرب قائماً
قال أبو داود: حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يشرب الرجل قائماً.