وفي هذا باب من الأخذ بالأدب في ستر العورة واخفاء القبيح من الأمر والتورية بما هو أحسن منه وليس يدخل في هذا الباب الرياء والكذب، وإنما هو من باب التجمل واستعمال الحياء وطلب السلامة من الناس.
[ومن باب إذا دخل والإمام يخطب]
قال أبو داود: حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن عمرو بن دينار عن جابر أن رجلا جاء يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب قال أصليت يا فلان، قال لا قال قم فاركع.
قلت فيه من الفقه جواز الكلام في الخطبة لأمر يحدث وإن ذلك لا يفسد الخطبة وفيه أن الداخل المسجد والإمام يخطب لا يقعد حتى يصلي ركعتين. وقال بعض الفقهاء إذا تكلم أعاد الخطبة ولا يصلي الداخل والإمام يخطب والسنة أولى ما اتبع.
[ومن باب من أدرك من الجمعة ركعة]
قال أبو داود: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب، عَن أبي سلمة، عَن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة.
قلت دلالته أنه إذا لم يدرك تمام الركعة فقد فاتته الجمعة ويصلي أربعا لأنه إنما جعله مدركا للجمعة بشرط إدراكه الركعة فدلالة الشرط تمنع من كونه مدركا لها بأقل من الركعة، وإلى هذا ذهب سفيان الثوري ومالك والأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. وقد روي ذلك عن عبد الله بن مسعود وابن عمر وأنس وابن المسيب وعلقمة والأسود وعروة والحسن والشعبي والزهري.