ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وإليه ذهب مالك بن أنس والأوزاعي والشافعي، وكرهه قوم. روي ذلك عن علي رضي الله عنه، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه. وقد روي في النهى عن لحم الضب حديث ليس إسناده بذلك، ذكره أبو داود في هذا الباب.
[ومن باب في أكل حشرات الأرض]
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا غالب بن حجرة حدثني مِلقام بن تَلِّب عن أبيه قال صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أسمع لحشرة الأرض تحريماً.
قال الشيخ: الحشرة صغار دواب الأرض كاليرابيع والضباب والقنافذ ونحوها، وليس في قوله لم أسمع لها تحريماً دليل على أنها مباحة لجواز أن يكون غيره قد سمعه.
وقد حضرنا فيه معنى آخر وهو أنه إنما عنى بهذا القول عادة القوم في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم في استباحة الحشرة وكان يعرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم من عاداتهم فلم ينه عن أكلها.
وقد اختلف الناس في أن الأشياء أصلها على الإباحة أو على الحظر وهي مسألة كبيرة من مسائل أصول الفقه. فذهب بعضهم إلى أنها على الإباحة، وذهب آخرون إلى أنها على الحظر، وذهبت طائفة إلى أن إطلاق القول بواحد منهما فاسد ولا بد من أن يكون بعضها محظوراً وبعضها مباحاً، والدليل ينبئ عن حكمه في مواضعه.
وقد اختلف الناس في اليربوع والوبر ونحوهما من الحشرات فرخص في اليربوع عروة وعطاء والشافعي وأبو ثور. وقال مالك لا بأس بأكل الوبر