قلت والأولى أن يقصر المسافر الصلاة لأنهم أجمعوا على جوازها.
واختلفوا فيها إذا أتم والإجماع مقدم على الاختلاف.
قال أبو داود: حدثنا خُشيش بن أصرم، حَدَّثنا عبد الرزاق عن ابن جريج حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار عن عبد الله بن طبية عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه قصر الناس الصلاة اليوم وإنما قال الله تعالى {إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا}[النساء: ١٠١] فقد ذهب ذلك اليوم فقال عجبتُ مما عجبتَ منه فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته.
قلت وفي هذا حجة لمن ذهب إلى أن الإتمام هو الأصل ألا ترى أنهما قد تعجبا من القصر مع عدم شرط الخوف فلو كان أصل صلاة المسافر ركعتين لم يتعجبا من ذلك فدل على أن القصر إنما هوعن أصل كامل قد تقدمه فحذف بعضه وأبقى بعضه. وفي قوله صدقة تصدق الله بها عليكم دليل على أنه رخصة رخص لهم فيها، والرخصة إنما تكون إباحة لا عزيمة والله أعلم بالصواب.
[ومن باب متى يقصر الصلاة المسافر]
قال أبو داود: حدثنا محمد بن بشار، حَدَّثنا محمد بن جعفر، حَدَّثنا شعبة عن يحيى بن يزيد الهنائي قال سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة فقال أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ شك شعبة يصلي ركعتين.
قلت إن ثبت هذا الحديث كانت الثلاثة الفراسخ حدا فيما يقصر إليه الصلاة إلاّ أني لا أعرف أحدا من الفقهاء يقول به.