أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغير عند صلاة الصبح وكان يستمع فإذا سمع أذاناً أمسك وإلا أغار.
قلت فيه من الفقه ان إظهار شعار الإسلام في القتال وعند شن الغارة يحقن به الدم وليس كذلك حال السلامة والطمأنينة التي يتسع فيها معرفة الأمور على حقائقها واستيفاء الشروط اللازمة فيها.
وفيه دليل على أن قتال الكفار من غير احداث الدعوة جائز، وقد ذكرنا اختلاف أهل العلم في ذلك في باب قبل هذا.
وقال الشافعي في هذا الحديث إنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغير حتى يصبح ليس لتحريم الغارة ليلاً أو نهارا ولا غارين وفي كل حال ولكنه على أن يكون يبصر من معه كيف يغيرون احتياطاً أن يؤتوا من كمين ومن حيث لا يشعرون وقد يختلط أهل الحرب إذا غاروا ليلا فيقتل بعض المسلمين بعضا.
قلت وقد أغار رسول الله على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم على الماء تسقى، وقد ذكره أبو داود في هذا الباب. وقال لأسامة أغر على أُبْنا صباحا وحرق فدل على إباحة البيات والإيقاع بهم وهم غارون. وقال سلمة بن الأكوع أمّرعلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه فغزونا ناسا من المشركين فبيتناهم نقتلهم وكان شعارنا تلك الليلة امِتْ امت.
[ومن باب المكر في الحرب]
قال أبو داود: حدثنا محمد بن عبيد حدثنا ابن ثور عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد غزوة وَرَّى بغيرها وكان يقول الحرب خَدعة.