إلى الوطن يقول إن أجر المجاهد في انصرافه إلى أهله كأجره في إقباله إلى الجهاد وذلك لأن تجهيز الغازي يضر بأهله وفي قفوله إليهم إزالة الضرر عنهم واستجمام للنفس واستعداد بالقوة للعود، والوجه الآخر أن يكون أراد بذلك التعقيب وهو رجوعه ثانيا في الوجه الذي جاء منه منصرفا وإن لم يلق عدوا ولم يشهد قتالا وقد يفعل ذلك الجيش إذا انصرفوا من مغزاتهم وذلك لأحد أمرين أحدهما أن العدو إذا رأوهم قد انصرفوا عن ساحتهم أمنوهم فخرجوا من مكامنهم فإذا قفل الجيش إلى دار العدو نالوا الفرصة منهم فأغاروا عليهم. والوجه الاخر أنهم إذا انصرفوا من مغزاتهم ظاهرين لم يأمنوا أن يقفو العدو أثرهم فيوقعوا بهم وهم غادون فربما استظهر الجيش أو بعضهم بالرجوع على أدراجهم بغضون الطريق فإن كان من العدو طلب كانوا مستعدين للقائهم وإلا فقد سلموا واحرزوا ما معهم من الغنيمة.
[ومن باب ركوب البحر]
قال أبو داود: حدثنا سعيد بن منصور حدثنا إسماعيل بن زكريا عن مطرف عن بشر أبي عبد الله عن بشير بن مسلم عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تركب البحر إلاّ حاجاً أو معتمراً وغازياً في سبيل الله فإن تحت البحر ناراً وتحت النار بحراً.
قلت في هذا دليل على أن من لم يجد طريقا إلى الحج غير البحر فإن عليه أن يركبه وقال غير واحد من العلماء إن عليه ركوب البحر إذا لم يكن له طريق غيره.