قلت: لم يختلفوا أن المارماهي مباح أكله وهو شبيه بالحيات ويسمى أيضاً حية، فدل ذلك على بطلان اعتبار معنى الأسماء والأشباه في حيوان البحر، وإنما هي كلها سموك وإن اختلفت أشكالها وصورها وقد قال سبحانه {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم}[المائدة: ٩٦] فدخل كل ما يصاد من البحر من حيوانه لا يخص شيء منه إلاّ بدليل، وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر فقال طهور ماؤه حلال ميتته فلم يستثن شيئاً منها دون شيء، فقضية العموم توجب فيها الإباحة إلاّ ما استثناه الدليل والله أعلم.
[ومن باب المضطر إلى الميتة]
قال أبو داود: حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا الفضل بن دكين حدثنا عقبة بن وهب عن عقبة العامري، قال سمعت أبي يحدث عن الفجيع العامري أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما يحل لنا من الميتة، قال ما طعامكم، قلنا نغتبق ونصطبح، قال أبو نعيم فسره لي عقبة قدح غُدْوة وقدح عَشِية، قال ذاك وأبى الجوع فأحل لهم الميتة على هذه الحال.
قال الشيخ: الغبوق العشاء، والصبوح الغداء، والقدح من اللبن بالغداة، والقدح بالعشي يمسك الرمق ويقيم النفس وإن كان لا يغذو البدن ولا يشبع الشبع التام، وقد أباح لهم مع ذلك تناول الميتة فكان دلالته أن تناول الميتة مباح إلى أن تأخذ النفس حاجتها من القوت، وإلى هذا ذهب مالك بن أنس وهو أحد قولي الشافعي، وذلك أن الحاجه منه قائمة إلى الطعام في تلك الحال كهي في الحال المتقدمة فمنعه بعد إباحته له غير جائز قبل أن يأخذ منه حاجته وهذا كالرجل يخاف العنت ولا يحد طولاً لحرة فإذا أبيح له نكاح الأمة وصار