قال أبو داود: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن زيد أن زيداً أبا عياش أخبره أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت فقال له سعد أيهما أفضل قال البيضاء قال فنهاه عن ذلك وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن شراء التمر بالرطب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أينقص الرطب إذا يبس قالوا نعم فنهى عن ذلك.
قال الشيخ البيضاء نوع من البر أبيض اللون وفيه رخاوة يكون ببلاد مصر والسلت نوع غير البر وهوأدق حبا منه، وقال بعضهم البيضاء هو الرطب من السلت والأول أعرف، إلاّ أن هذا القول اليق بمعنى الحديث وعلته تبين موضع التشبيه من الرطب بالتمر وإذا كإن الرطب منهما جنسا واليابس جنسا آخر لم يصح التشبيه.
وقوله (اينقص الرطب إذا يبس) لفظه لفظ الاستفهام ومعناه التقرير والتنبيه فيه على نكتة الحكم وعلته ليعتبروها في نظاترها وأخواتها وذلك أنه لا يجوز أن يخفى عليه صلى الله عليه وسلم أن الرطب إذا يبس نقص وزنه فيكون سؤاله عنه سؤال تعرف واستفهام وإنما هو على الوجه الذي ذكرته وهذا كقول جرير:
الستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح
ولو كان هذا استفهاما لم يكن فيه مدح وإنما معناه أنتم خير من ركب المطايا.
وهذا الحديث أصل في أبواب كثيرة من مسائل الربا وذلك أن كل شيء من المطعوم مما له نداوة ولجفافه نهاية فانه لا يجوز رطبه بيابسه كالعنب والزبيب واللحم النيء بالقديد ونحوهما، وكذلك لا يجوز على هذا المعنى منه الرطب بالرطب كالعنب بالعننب والرُطَب بالرطب لأن اعتبار المماثلة إنما يصح فيهما