قال الشيخ: سلت الصحيفة تتبع ما يبقى فيها من الطعام ومسحها بالإصبع ونحوه، ويقال سلت الرجل الدم عن وجهه إذا مسحه بأصبعه وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم العلة في لعق الأصابع وسلت الصحيفة، وهو قوله فإنه لا يدري في أي طعامه يبارك له. يقول لعل البركة فيما لعق بالأصابع والصحفة من لطخ ذلك الطعام. وقد عابه قوم أفسدت عقولهم الترفه وغير طباعهم الشبع والتخمة وزعموا أن لعق الأصابع مستقبح أو مستقذر كأنهم لم يعلموا أن الذي علق بالإصبع أو الصحفة جزء من أجزاء الطعام الذي أكلوه وازدردوه فإذا لم يكن سائر أجزائه المأكولة مستقذرة لم يكن هذا الجزء اليسير منه الباقي في الصحفة واللاصق بالأصابع مستقذراً كذلك. وإذا ثبت هذا فليس بعده شيء أكثر من مسه أصابعه بباطن شفتيه وهو ما لا يعلم عاقل به بأساً إذا كان المساس والممسوس جميعاً طاهرين نظيفين. وقد يتمضمض الإنسان فيدخل اصبعه في فيه فيدلك أسنانه وباطن فمه فلم ير أحد ممن يعقل أنه قذارة أو سوء أدب فكذلك هذا لا فرق بينهما في منظر حسٍّ ولا مخبر عقل.
[ومن باب اقعاد الخادم على الطعام]
قال أبو داود: حدثنا القعنبي حدثنا داود بن قيس عن موسى بن يسار، عَن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صنع لأحدكم خادمُه طعاماً ثم جاءه به فليقعده معه فليأكل فإن كان الطعام مشفوهاً فليضع في يده منه أُكلة أو أكلتين.
قال الشيخ: المشفوه القليل وقيل له مشفوه لكثرة الشفاه التي تجتمع على أكله والأكلة مضمومة الألف اللقمة والأكلة بفتحها المرة الواحدة من الأكل.