ومعنى قوله ينبذ إليهم على سواء أي يعلمهم أنه يريد أن يغذوهم وأن الصلح الذي كان بينهم قد ارتفع فيكون الفريقان في ذلك على السواء.
وفيه دليل على أن العهد الذي يقع بين المسلمين وبين العدو ليس بعقد لازم لا يجوز القتال قبل انقضاء مدته، ولكن لا يجوز أن يفعل ذلك إلاّ بعد الإعلام به والإنذار فيه، ويشبه أن يكون عمرو إنما كره مسير معاوية إلى ما يتاخم بلاد العدو والإقامة بقرب دارهم من أجل أنه إذا هادنهم إلى مدة وهو مقيم في وطنه فقد صارت مدة مسيره بعد انقضاء المدة كالمشروط مع المدة المضروبة في أن لا يغزوهم فيها فيأمنونه على أنفسهم. فإذا كان مسيره إليهم في أيام الهدنة حتى ينيخ بقرب دارهم كان إيقاعه بهم قبل الوقت الذي يتوقعونه فكان ذلك داخلا عند عمرو في معنى الغدر.
[ومن باب الرسل]
قال أبو داود: حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان، عَن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرّب أنه أتى عبد الله بن مسعود فقال ما بيني وبين أحد من العرب حِنة وإني مررت بمسجد لبني حنيفة فإذا هم يؤمنون بمسيلمة فأرسل إليهم عبد الله فجيء بهم فاستتابهم غير ابن النواحة فقال له سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لولا أنك رسول لضربت عنقك فأنت اليوم لست برسول فأمر قرظة بن كعب فضرب عنقه بالسوق، ثم قال من أراد أن ينظر إلى ابن النواحة قتيلاً بالسوق.
قوله حنة يريد الوتر والضغن واللغة الفصيحة احنة بالهمز قال الشاعر:
إذا كان في نفس ابن عمك احنة...... فلا تستثرها سوف يبدو دفينها
ويقال فلان مواحن لفلان إذا كان مضمراً له على عداوة، ويشبه أن يكون