وقال مالك لا أحب لمسلم ورث خمراً أن يحبسها يخللها ولكن إن فسدت خمر حتى تصير خلاً لم أر بأكله بأساً؛ وقيل لابن المبارك كيف يتخذ الخل بأن لا يأثم الرجل، قال انظر خلاً نقيفاً فصب عليه قدر ما لا يغلبه العصير، فإن غلبه العصير لم يغل. وقال أحمد نحواً من ذلك، وقال ما يعجبني أن يكون في بيت الرجل المسلم خمر ولكن يصب على العصير من الخل حتى يتغير، ورخص في تخليل الخمر ومعالجتها عطاء بن أبي رباح وعمر بن عبد العزيز، وإليه ذهب أبو حنيفة وشبهه بعضهم بدباغ جلد الميتة، وقال هو محرم يستباح بالعلاج ويستصلح له فكذلك الخمر، وهذا غير مشبه لذلك وإنما يجوز القياس مع عدم النص وههنا نص من السنة وقد منع منه وفي الدباغ نص سنة رخص فيه ودعا إليه فالواجب علينا متابعة كل منهما وترك قياس أحدهما على الآخر.
وقد فرق العلماء في الحكم بين أشياء تتغير بذاتها وبين ما يصير منها إلى التغير بفعل فاعل كالرجل يموت حتف أنفه فيرثه ابنه ولو قتله الابن لم يرثه.
وقد حرم الله صيد الحرم في الحرم، فلو خرج الصيد فأخذ في الحل جاز أكله ولو أخرجه مخرج فذبحه خارج الحرم لم يحل.
[ومن باب النهي عن المسكر]
قال أبو داود: حدثنا سليمان بن داود ومحمد بن عيسى في آخرين قالوا حدثنا حماد، يَعني ابن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مسكر خمر وكل مسكر حرام، ومن مات وهو يشرب الخمر يدمنها لم يشربها في الآخرة.
قال الشيخ: قوله كل مسكر خمر يتأول على وجهين أحدهما أن الخمر اسم