وقوله يسعى بذمتهم أدناهم، يريد أن العبد ومن كان في معناه من الطبقة الدنيا كالنساء والضعفاء الذين لا جهاد عليهم إذا أجاروا كافراً أمضي جوارهم ولم تخفر ذمتهم.
وقوله ويجير عليهم أقصاهم معناه أن بعض المسلمين وإن كان قاصي الدار إذا عقد للكافر عقداً لم يك لأحد منهم أن ينقضه وإن كان أقرب دارا من المعقود له.
قلت وهذا إذا كان العقد والذمة منه لبعض الكفار دون عامتهم فإنه لا يجوز له عقد الأمان لجماعتهم، وإنما الأمر في بذل الأمان وعقد الذمة للكافة منهم إلى الإمام على سبيل الاجتهاد وتحري المصلحة فيه دون غيره. ولوجعل لأفناء الناس ولآحادهم أن يعقدوا لعامة الكفار كلما شاؤوا صار ذلك ذريعة إلى إبطال الجهاد وذلك غير جائز.
وقوله وهم يد على من سواهم فإن معنى اليد المعاونة والمظاهرة إذا استنفروا وجب عليهم النفير وإذا استنجدوا انجدوا ولم يتخلفوا ولم يتخاذلوا والمُشِد المقوي والمضعف من كانت دوابه ضعافاً، وجاء في بعض الحديث المضعف أمير الرفقة. يريد أن الناس يسيرون بسير الضعيف لا يتقدمونه فيتخلف عنهم ويبقى بمضيعة والمتسري هو الذي يخرج في السرية، ومعناه أن يخرج الجيش فينيخوا بقرب دار العدو ثم ينفصل منهم سرية فيغنموا فإنهم يردون ما غنموه على الذين هم ردء لهم لا ينفردون به، فأما إذا كان خروج السرية من البلد فأنهم لا يردون على المقيمين في أوطانهم شيئا.
وقوله لا يقتل مؤمن بكافر فإنه قد دخل فيه كل كافر له عهد وذمة أو لا عهد له ولا ذمة.