له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلاّ ووصيته مكتوبة عنده.
قال الشيخ: قوله ما حق امرىء مسلم معناه ما حقه من جهة الحزم والاحتياط إلاّ أن تكون وصيته مكتوبة عنده إذا كان له شيء يريد أن يوصي فيه فإنه لا يدري متى توافيه منيته فتحول بينه وبين ما يريد من ذلك.
وفيه دليل على أن الوصية غير واجبة وهو قول عامة الفقهاء، وقد ذهب بعض التابعين إلى إيجابها وهو قول داود.
وفيه أن الوصية إنما تستحب لمن له مال يريد أن يوصي فيه دون من ليس له فضل مال، وهذا في الوصية التي هو متبرع بها من نحو صدقة وبر وصلة دون الديون والمظالم التي يلزمه الخروج عنها، فإن من عليه ديناً أو قبله تبعة لأحد من الناس فالواجب عليه أن يوصي فيه وأن يتقدم إلى أوليائه فيه، لأن أداء الأمانة فرض واجب عليه.
قال أبو داود: حدثنا مسدد ومحمد بن العلاء قالا: حَدَّثنا أبو معاوية عن الأعمش، عَن أبي وائل عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها، قالت ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ديناراً ولا درهماً ولا بعيراً ولا شاة ولا أوصى بشيء.
قال الشيخ: قولها ولا أوصى بشيء تريد وصية المال خاصة لأن الإنسان إنما يوصي في مال سبيله أن يكون موروثا وهو صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئاً يورث فيوصي فيه، وقد أوصى بأمور منها ما روي أنه كان عامة وصيته عند الموت الصلاة وما ملكت أيمانكم.
وقال ابن عباس رضي الله عنه أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته اخرجوا اليهود عن جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم.