والوجه الآخر أن تكون مستنبطة من الكتاب والسنة ومن معانيهما فتكون هذه الفريضة تعدل بما أخذ عن الكتاب والسنة إذ كانت في معنى ما أخذ عنهما نصاً.
وقد اختلف الصحابة في مسائل من الفرائض وتناظروا فيها وتحروا تعديلها فاعتبروها بالنصوص كمسألة الزوج والأبوين.
حدثنا إبراهيم بن فراس حدثنا محمد بن علي بن زيد الصائغ حدثنا موسى بن محمد بن حبان البصري حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن الأصفهاني عن عكرمة قال أرسل ابن عباس رضي الله عنهما إلى زيد بن ثابت فسأله عن امرأة تركت زوجها وأبويها، قال للزوج النصف وللأم ثلث ما بقي، فقال تجده في كتاب الله أو تقوله برأيك، قال أقوله برأيي لا أفضل أماً على أب.
قلت فهذا من باب تعديل الفريضة إذا لم يكن فيها نص وذلك أنه اعتبرها بالمنصوص عليه وهو قوله تعالى {وورثه أبواه فلأمه الثلث}[النساء: ١١] فلما وجد نصيب الأم الثلث وكان باقي المال وهو الثلثان للأب قاس النصف الفاضل من المال بعد نصيب الزوج على كل المال إذ لم يكن مع الوالدين ابن أو ذو سهم فقسمه بينهما على ثلاثة أسهم للأم سهم والباقي وهو سهمان للأب، وكان هذا أعدل في القسمة من أن يعطي الأم من النصف الباقي ثلث جميع المال وللأب ما بقي وهو السدس فيفضلها عليه فيكون لها وهي مفضولة في أصل المورث أكثر مما للأب وهو المقدم والمفضل في الأصل، وذلك أعدل مما ذهب إليه ابن عباس من توفير الثلث على الأم وبخس الأب حقه برده إلى السدس فترك قوله عليه وصار عامة الفقهاء إلى قول زيد.