عن الكلالة تجزيك آية الصيف فوقعت الإحالة منه على الآية في بيان معنى الكلالة فوجب أن يكون ذلك مستنبطاً من نفس الآية دون غيرها.
ووجه ذلك وتحريره أن الولد والوالد اسمان مشتقان من الولادة فكل واحد منهما يتعلق بالآخر ويتعدى إليه من طريق الدلالة فكل من انتظمه اسم الولادة من أعلى وأسفل فإنه قد يحتمل أن يدعى ولداً فالوالد يسمى ولداً لأنه قد وَلَد والمولود يسمى ولداً لأنه قد وُلِد.
وهذا كالذرية وهو اسم مشتق من ذرأ الله الخلق فالولد ذرية لأنهم ذرئوا أي خلقوا والأب ذرية لأن الولد ذرىء منه ويدل على صحة ذلك قوله سبحانه وتعالى {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون}[يّس: ٤١] يريد والله أعلم نوحاً ومن معه فجعل الآباء ذرية كالأولاد لصدور الاسمين معاً عن الذرء، وفي لغة العرب توسع وانبساط ويقع ذلك فيها من وجوه منها الاشتقاق والتركيب ومنها المجاز والتشبيه ومنها الاستعارة والتقريب إلى وجوه غيرها وكل ذلك بيان وأدلتها مستعملة حيثما وجدت. فعلى هذا قد يصح أن يكون المراد بقوله {إن امرؤ هلك ليس لم ولد}[النساء: ١٧٦] أي ولادة في الطرفين من أعلى وأسفل، وهو معنى قول الصحابة وعامة الفقهاء أن الكلالة من ليس له ولد ولا والد.
واسم الكلالة في اللغة مشتقة من تكلل النسب وذلك أن الإخوة إنما يتكللون الميت من جوانبه ويلقونه من نواحيه والولد والوالد إنما يأتيانه من تلقاء النسب ويجتمعان معه في نصابه وعموده.
وأما قوله تجزيك آية الصيف فإن الله سبحانه أنزل في الكلالة آيتين احداهما في الشتاء وهي الآية التي نزلت في سورة النساء وفيها إجمال وإبهام لا يكاد