وقال أصحاب الرأي شهادة بعضهم على بعض جائزة والكفر كله ملة واحدة.
وقال آخرون شهادة اليهودي على اليهودي جائزة ولا تجوز على النصراني والمجوسي لأنها ملل مختلفة ولا تجوز شهادة أهل ملة على ملة أخرى. هذا قول الشعبي وابن أبي ليلى وإسحاق بن راهويه، وحكي ذلك عن الزهري قال وذلك للعداوة التي ذكرها الله بين هذه الفرق.
قال أبو داود: حدثنا الحسن بن علي حدثنا يحيى بن آدم حدثنا ابن أبي زائدة عن محمد بن أبي القاسم عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس قال خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بَدَّاء فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم، فلما قدما بتركته فقدوا جام فضة مخوَّصاً بالذهب فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وجد الجام بمكة فقالوا اشتريناه من تميم وعدي فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما وإن الجام لصاحبنا قال فنزلت فيهم {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت} الآية [المائدة: ١٠٦] .
قال الشيخ: فيه حجة لمن رأى رد اليمين على المدعي والآية محكمة لم تنسخ في قول عائشة والحسن البصري وعمرو بن شرحبيل، وقالوا المائدة آخر ما نزل من القرآن لم ينسخ منها شيء؛ وتأول من ذهب إلى خلاف هذا القول الآيه على الوصية دون الشهادة لأن نزول الآية إنما كان في الوصية، وتميم الدارى وصاحبه عدي بن بداء إنما كانا وصيين لا شاهدين والشهود لا يحلفون، وقد حلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما عبر بالشهادة عن الأمانة التي تحملاها وهو معنى قوله تعالى {ولا نكتم شهادة الله}[المائدة: ١٠٦] أي أمانة الله، وقالوا معنى قوله {أو آخران من غيركم}[المائدة: ٠٦ ١] أي من غير قبيلتكم وذلك أن الغالب في الوصية أن الموصي يشهد