ولكن الزوال لا يستبان إلاّ بأقل ما يرى من الفيء، وأقله فيما يقدر هو ما بلغ قدر الشراك أو نحوه وليس هذا المقدار مما يتبين به الزوال في جميع البلدان إنما يتبين ذلك في مثل مكة من البلدان التي ينتقل فيها الظل فإذا كان أطول يوم في السنة واستوت الشمس فوق الكعبة لم ير لشيء من جوانبها ظل. وكل بلد يكون أقرب إلى وسط الأرض كان الظل فيه أقصر؛ وماكان من البلدان أبعد من واسطة الأرض وأقرب إلى طرفيها كان الظل فيه أطول.
وقد اعتمد الشافعي هذا الحديث وعول عليه في بيان مواقيت الصلاة إذ كان قد وقع به القصد إلى بيان أمر الصلاة في أول زمان الشرع.
وقد اختلف أهل العلم في القول بظاهره فقالت طائفة وعدل آخرون عن القول ببعض ما فيه إلى أحاديث أخر وإلى سنن سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض المواقيت لمّا هاجر إلى المدينة، قالوا وإنما يؤخذ بالآخر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنذكر موضع الاختلاف منهم في ذلك. فمن قال بظاهر حديث ابن عباس وتوقيت أول صلاة الظهر وآخرها به مالك وسفيان الثوري والشافعي وأحمد وبه قال أبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة آخر وقت الظهر إذا صار الظل قامتين. وقال ابن المبارك وإسحاق بن راهويه آخر وقت الظهر أول وقت العصر.
واحتج بعض من قاله بأن في بعض الروايات أنه صلى الظهر من اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه العصر من اليوم الأول، وقد نسب هذا القول محمد بن جرير الطبري إلى مالك بن أنس وقال لو أن مصليين صليا أحدهما الظهر والآخر العصر في وقت واحد صحت صلاة كل واحد منهما.
قلت ومعنى هذا الكلام معقول أنه إنما أراد فراغه من صلاة الظهر اليوم الثاني