قلت وتطير العامة اليوم من صوت الهامة ميراث ذلك الرأي وهو من باب الطيرة المنهي عنها.
وأما قوله لا يوردن مُمرض على مُصح قال الممرض الذي مرضت ماشيته والمصح هو صاحب الصحاح منها، كما قيل رجل مضعف إذا كانت دوابه ضعافاً، ومقوٍ إذا كانت أقوياء، وليس المعنى في النهي عن هذا الصنيع من أن المرضى تعدي الصحاح، ولكن الصحاح إذا مرضت بإذن الله وتقديره وقع في نفس صاحبه أن ذلك إنما كان من قبل العدوى فيفتنه ذلك ويشككه في أمره فأمر باجتنابه والمباعدة عنه لهذا المعنى.
وقد يحتمل أن يكون ذلك من قبل الماء والمرعى فتستوبله الماشية فإذا شاركها في ذلك الماء الوارد عليها أصابه مثل ذلك الداء والقوم بجهلهم يسمونه عدوى وإنما هو فعل الله تبارك وتعالى بتأثير الطبيعة على سبيل التوسط في ذلك والله أعلم.
قال أبو داود: حدثنا محمد بن عبد الرحيم البرْقي أن سعيد بن الحكم حدثهم أنبأنا يحيى بن أيوب حدثني ابن عجلان حدثني القعقاع بن حكيم وعبيد الله بن مقسم وزيد بن أسلم، عَن أبي صالح، عَن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا غُولَ.
قال الشيخ: قوله لا غول ليس معناه نفي الغول عيناً وإبطالها كوناً، وإنما فيه إبطال ما يتحدثون عنها من تغولها واختلاف تلونها في الصور المختلفة واضلالها الناس عن الطريق وساسر ما يحكون عنها مما لا يعلم له حقيقة. يقول لا تصدقوا بذلك ولا تخافوها فإنها لا تقدر عل شيء من ذلك إلاّ بإذن الله عز وجل، ويقال إن الغيلان سحرة الجن تسحر الناس وتفتنهم بالإضلال