قال أبو داود: حدثنا الحسين بن معاذ بن خليف حدثنا عبد الأعلى حدثنا داود عن عامر عن عدي بن حاتم أنه قال يا رسول الله أحدنا يرمي فنقتفر أثره اليومين والثلاثة ثم يجده ميتاً وفيه سهمه أيأكل قال نعم إن شاء أو قال يأكل إن شاء.
قال الشيخ: قوله نقتفر معناه نتبع يقال اقتفرت أثر الرجل إذا تتبعته وقفرته وفيه دليل على أنه إذا علق به سهمه فقد ملكه وصار سهمه كيده فلو أنه رمى صيداً حتى أنشب سهمه فيه ثم غاب عنه فوجده رجل كان سبيله سبيل اللقطة وعليه تعريفه ورد قيمته إن كانت عينه باقية.
وفيه أنه قد شرط عليه أن يرمي فيه سهمه وهو أن يثبته بعينه، وقد علم أنه كان قد أصابه قبل أن يغيب عنه فإدا كان كذلك فقد علم أن ذكاته إنما وقعت برميته، فأما إذا رماه فلم يعلم أنه أصابه أم لا فتتبع أثره فوجده ميتاً وفيه سهمه فلا يأكل لأنه يمكن أن يكون غيره قد رماه بسهم فأثبته.
وقد يجوز أن يكون ذلك الرامي مجوسياً لا تحل ذكاته أو محرماً أو بعض من لا يستباح الصيد بذكاته.
وفي قوله فنقتفر أثره دليل على أنه ان أغفل تتبعه وأتى عليه شيء من الوقت ثم وجده ميتاً فإنه لا يأكله لأنه إذا تتبعه فلم يلحقه إلاّ بعد اليوم واليومين فهو مقدور وكانت الذكاة واقعة بإصابة السهم في وقت كونه ممتنعاً غير مقدور عليه. فأما إذا لم يتبعه وتركه يتحامل بالجراحة حتى هلك، فهذا غير مذكى لأنه لو اتبعه لأدركه قبل الموت فذكاه ذكاة المقدور عليه في الحلق واللبة، فإذا لم يفعل ذلك مع القدرة عليه صار كالبهيمة المقدور على ذكاتها بجرح في بعض