قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا، قال نرى الإسلام الكلمة والإيمان العمل.
قال الشيخ: ما أكثر ما يغلط الناس في هذه المسألة، فأما الزهري فقد ذهب إلى ما حكاه معمر عنه واحتج بالآية، وذهب غيره إلى أن الإيمان والإسلام شيء واحد، واحتج بالآية الأخرى وهي قوله {فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين}[الذاريات: ٣٥] قال فدل ذلك على أن المسلمين هم المؤمنون إذ كان الله سبحانه قد وعد أن يخلص المؤمنين من قوم لوط وأن يخرجهم من بين ظهراني من وجب عليه العذاب منهم، ثم أخبر أنه قد فعل ذلك بمن وجده فيهم من المسلمين إنجازاً للموعد، فدل الإسلام على الإيمان
فثبت أن معناهما واحد وأن المسلمين هم المؤمنون. وقد تكلم في هذا الباب رجلان من كبراء أهل العلم وصار كل واحد منهما إلى مقالة من هاتين المقالتين ورد الآخر منهما على المتقدم وصنف عليه كتاباً يبلغ عدد أوراقه المائتين.
قلت والصحيح من ذلك أن يقيد الكلام في هذا ولا يطلق على أحد الوجهين. وذلك أن المسلم قد يكون مؤمناً في بعض الأحوال ولا يكون مؤمناً في بعضها والمؤمن مسلم في جميع الأحوال فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمناً، وإذا حملت الأمر على هذا استقام لك تأويل الآيات واعتدل القول فيها ولم يختلف عليك شيء منها، وأصل الإيمان التصديق وأصل الإسلام الاستسلام والانقياد فقد يكون المرء مستسلماً في الظاهر غير منقاد في الباطن ولا يكون صادق الباطن غير منقاد في الظاهر.
قال أبو داود: حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا شعبة حدثنا واقد بن عبد الله أخبرني عن أبيه أنه سمع ابن عمر رضى الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا ترجعوا