للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كرم الله وجهه قال: كنا في جنازة فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقيع الغَرْقد فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس ومعه مخصرة فجعل ينكث بالمخصرة في الأرض ثم رفع رأسه فقال ما منكم من أحد ما من نفس منفوسة إلاّ وقد كتب مكانها من النار أو الجنة إلاّ قد كتبت شقية أو سعيدة، قال فقال رجل من القوم يا نبي الله أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل فمن كان من أهل السعادة ليكونن إلى السعادة، ومن كان منا من أهل الشقوة ليكونن إلى الشقوة، قال اعملوا فكل ميسر، أما أهل السعادة فييسرون للسعادة، وأما أهل الشقوة فييسرون للشقوة ثم قرأ نبي الله صلى الله عليه وسلم {أما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى، وأن من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى} [الليل: ٥-٦-٧-٨-٩-١٠] .

قال الشيخ: المخصرة عصا خفيفة يختصر بها الإنسان يمسكها بيدها والنفس المنفوسة هي المولودة، والمنفوس الطفل الحديث الولادة، يقال نُفست المرأة إذا ولدت، ونفست إذا حاضت، ويقال إنما سميت المرأة نفساً لسيلان الدم، والنفس الدم.

قلت فهذا الحديث إذا تأملته أصبت منه الشفاء فيما يتخالجك من أمر القدر وذلك أن السائل رسول الله صلى الله عليه وسلم والقائل له أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل لم يترك شيئاً مما يدخل في أبواب المطالبات والأسئلة الواقعة في باب النجويز والتعديل إلاّ وقد طالب به وسأل عنه فأعلمه صلى الله عليه وسلم أن القياس في هذا الباب متروك والمطالبة عليه ساقطة وأنه أمر لا يشبه الأمور المعلومة التي قد عقلت معانيها وجرت معاملات البشر فيما بينهم عليها وأخبر أنه إنما أمرهم بالعمل ليكون أمارة في الحال العاجلة لما يصيرون إليه في الحال الآجلة فمن تيسر له العمل الصالح

<<  <  ج: ص:  >  >>