مختلفين، وقد روينا في باب قبل هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما أن وفد عبد القيس قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهم بالايمان ثم قال أتدرون ما الإيمان قالوا الله ورسوله أعلم، فقال شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة؛ وصوم رمضان، وأن تعطوا الخمس من المغنم. فضم هذه الأعمال إلى كلمة الشهادة وجعلها كلها إيماناً، وهذا يبين لك أن اسم الإيمان قد يدخل على الإسلام واسم الإسلام يدخل على الإيمان، وذلك لأن معنى الإيمان التصديق ومعنى الإسلام الاستسلام، وقد يتحقق معنى القول بفعل الجوارح ثم يتحقق الفعل ويصح بتصديق القلب نية وعزيمة، وجماع ذلك كله الدين، وهو معنى قوله جبريل أتاكم يعلمكم دينكم.
وأما قوله ما الإحسان فإن معنى الإحسان ههنا الإخلاص وهو شرط في صحة الإيمان والإسلام معاً، وذلك أن من وصف الكلمة وجاء بالعمل من غير نية وإخلاص لم يكن محسناً ولا كان إيمانه في الحقيقة صحيحاً كاملاً وإن كان دمه في الحكم محقوناً وكان بذلك في جملة المسلمين معدوداً.
ويحكى عن سفيان بن سعيد الثوري أنه كان يقول في الإيمان قول ومعرفة وعمل ونية، وأحسبه تأول هذا المعنى واعتبره بالحديث.
وكان أحمد بن حنبل يزيد فيها شرطاً خامساً وهو السنة فيقول: في الإيمان قول ومعرفة وعمل ونية وسنة.
قلت: واسم الإسلام يشتمل على هذه الخصال كلها، ألا تراه يقول هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم، وقد قال سبحانه {إن الدين عند الله الإسلام}[آل عمران: ١٩] .