استنجى الرجل أي أزال النجو عن بدنه. والنجو كناية عن الحدث كما كنى عنه بالغائط وأصل الغائط المطمئن من الأرض كانوا ينتابونه للحاجة فكنوا به عن نفس الحدث كراهية لذكره بخاص اسمه. ومن عادة العرب التعفف في ألفاظها واستعمال الكناية في كلامها وصون الألسنة عما تصان الأسماع والأبصار عنه.
وقيل أصل الاستنجاء نزع الشيء عن موضعه وتخليصه منه، ومنه قولهم نجوت الرطب واستنجيته إذا جنيته واستنجيت الوتر إذا خلصته من أثناء اللحم والعظم قال الشاعر:
فتبازت فتبارخت لها ... قعدة الجازر يستنجي الوتر وفي قوله يأمرنا بثلاثة أحجار وينهى عن الروث والرمة دليل على أن أعيان الحجارة غير مختصة بهذا المعنى دون غيرها من الأشياء التي تعمل عمل الحجارة وذلك أنه لما أمر بالأحجار ثم استثنى الروث والرمة فخصهما بالنهي دل على أن ما عدا الروث والرمة قد دخل في الإباحة وأن الاستنجاء به جائز ولو كانت الحجارة مخصوصة بذلك وكان كل ما عداها بخلاف ذلك لم يمكن لنهيه عن الروث والرمة وتخصيصها بالذكر معنى، وإنما جرى ذكر الحجارة وسبق اللفظ إليها لأنها كانت أكثر الأشياء التي يستنجى بها وجوداً وأقربها متناولاً، والرمة العظام البالية ويقال إنها سميت رمة لأن الإبل ترمها أي تأكلها قال لبيد:
والّنيب إن تعر مني رمة خَلَقاً ... بعد الممات فأنى كنت اتّئر
قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن الزهري عن عطاء بن يزيد، عَن أبي أيوب رواية قال إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا بول ولكن شرقوا وغربوا، فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت