الصامت قال أتينا جابر بن عبد الله وهو في مسجده فقال أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدنا هذا وفي يده عُرجون ابن طاب فنظر فرأى في قبلة المسجد نخامة فأقبل عليها فحَتَّها بالعرجون ثم قال: أيكم يحب أن يعرض الله عنه إن أحدكم إذا قام يصلي فإن الله قبل وجهه فلا يبسُقن قبل وجهه ولا عن يمينه وليبسُق عن يساره تحت رجله اليسرى فإن عجلت به مادرة فليقل بثوبه هكذا ووضع على فيه ثم دلكه أروني عبيراً فقام فتى من الحي يشتد إلى أهله فجاء بخَلوق في راحته فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لطخ به على أثر النُخامة قال جابر رضي الله عنه فمن هناك جعلتم الخَلوق في مساجدكم.
العرجون عود كباسة النخل وسمي عرجونا لانعراجه وهو انعطافه وابن طاب اسم لنوع من أنواع التمر منسوب إلى ابن طاب كما نسب سائر ألوان التمر فقيل لون ابن حبيق ولون كذا ولون كذا.
وقوله فإن الله قبل وجهه تأويله أن القبلة التي أمره الله عزو جل بالتوجه إليها للصلاة قبل وجهه فليصنها عن النخامة. وفيه إضمار وحذف واختصار كقوله تعالى {وأشربوا في قلوبهم العجلس}[البقرة: ٩٣] أي حب العجل وكقوله تعالى {واسأل القرية}[يوسف: ٨٢] يريد أهل القرية ومثله في الكلام كثير وإنما أضيفت تلك الجهة إلى الله تعالى على سبيل التكرمة كما قيل بيت الله وكعبة الله في نحو ذلك من الكلام.
وفيه من الفقه أن النخامة طاهره ولولم تكن طاهرة لم يكن يأمر المصلي بأن يدلكها بثوبه ولا أعلم خلافا في أن البزاق طاهر إلاّ أن أبا محمد الكُدانى حدثني قال سمعت الساجي يقول كان إبراهيم النخعي يقول البزاق نجس.