عن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام شاب فلما أن صلى إذا رجلان لم يصليا في ناحية المسجد فدعا بهما فجيء بهما ترعد فرائصهما فقال ما منعكما أن تصليا معنا قالا قد صلينا في رحالنا قال فلا تفعلوا إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام. لم يصل فليصل معه فإنها نافلة.
قوله ترعد فرائصهما هي جمع الفريصة وهي لحمة وسط الجنب عند منبض القلب تفترص عند الفزع أي ترتعد. وفى الحديث من الفقه أن من صلى في رحله ثم صادف جماعة يصلون كان عليه أن يصلي معهم أي صلاة كانت من الصلوات الخمس، وهو مذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وبه قال الحسن والزهرى.
وقال قوم يعيد إلاّ المغرب والصبح، كذلك قال النخعي وحكي ذلك عن الأوزاعي. وكان مالك والثوري يكرهان أن يعيد صلاة المغرب وكان أبو حنيفة لا يرى أن يعيد صلاة العصر والمغرب والفجر إذا كان قد صلاهن.
قلت وظاهر الحديث حجة على جماعة من منع عن شيء من الصلوات كلها ألا تراه يقول إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام ولم يصل فليصل معه ولم يستثن صلاة دون صلاة.
وقال أبو ثور لا يعاد الفجر والعصر إلاّ أن يكون في المسجد وتقام الصلاة فلا يخرج حتى يصليها.
وقوله فإنها نافلة يريد الصلاة الآخرة منهما والأولى فرضه. فأما نهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصرحتى تغرب فقد تأولوه على وجهين أحدهما أن ذلك على معنى إنشاء الصلاة ابتداء من غير سبب.