ولأنه إذا تقدم أصحابه في السن فقد تقدمهم في الإسلام فصار بمنزلة من تقدمت هجرته، وعلى هذا الترتيب يوجد أقاويل أكثر العلماء في هذا الباب. قال عطاء بن أبي رباح يؤمهم أفقههم فإن كانوا في الفقه سواء فأقرأهم فإن كانوا في الفقه والقراءة سواء فأسنهم. وقال مالك يتقدم القوم أعلمهم فقيل له أقرأهم قال قد يقرأ من لا يرضى، وقال الأوزاعي يؤمهم أفقههم.
وقال الشافعي إذا لم تجتمع القراءة والفقه والسن في واحد قدموا أفقههم إذا كان يقرأ من القرآن ما يكتفي به في الصلاة وإن قدموا أقرأهم إذا كان يعلم من الفقه ما يلزمه في الصلاة فحسن.
وقال أبو ثور يؤمهم أفقههم إذا كان يقرأ القرآن وإن لم يقرأه كله. وكان سفيان وأحمد بن حنبل وإسحاق يقدمون القراء قولا بظاهر الحديث.
وأما قوله ولا يؤم الرجل في بيته معناه أن صاحب المنزل أولى بالإمامة في بيته إذا كان من القراءة والعلم بمحل يمكنه أن يقيم الصلاة. وقد روى مالك بن الحويرث عن النبي صلى الله عليه وسلم من زار قوماً فلا يؤمهم وليؤمهم رجل منهم.
وقوله ولا في سلطانه فهذا في الجمعات والأعياد لتعلق هذه الأمور بالسلاطين فأما في الصلوات المكتوبات فأعلمهم أولاهم بالإمامة فإن جمع السلطان هذه الفضائل كلها فهو أولاهم بالإمامة في كل صلاة.
وكان أحمد بن حنبل يرى الصلاة خلف أئمة الجور ولا يراها خلف أهل البدع.
وقد يتأول أيضاً قوله ولا في سلطانه على معنى ما يتسلط عليه الرجل من ملكه في بيته أو يكون إمام مسجده في قومه وقبيلته. وتكرمته فراشه وسريره وما يعد لإكرامه من وطاء ونحوه.