بالناس فدل أن حديث أنس وجابر منسوخ. ويزيد ما قلناه وضوحا ما رواه أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث قالت فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس على يسار أبى بكر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس جالسا وأبو بكر قائماً يقتدي به والناس يقتدون بأبي بكر. حدثونا به عن يحيى بن محمد بن يحيى حدثنا مسدد حدثنا أبومعاوية. والقياس يشهد لهذا القول لأن الإمام لا يسقط عن القوم شيئا من أركان الصلاة مع القدرة عليه ألا ترى أنه لا يحيل الركوع والسجود إلى الإيماء فكذلك لا يحيل القيام إلى القعود. وإلى هذا ذهب سفيان الثوري وأصحاب الرأي والشافعي وأبو ثور. وقال مالك لا ينبغي لأحد أن يؤم بالناس قاعداً وذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ونفر من أهل الحديث إلى خبر أنس وأن الإمام إذا صلى قاعداً صلى من خلفه قعودا.
وزعم بعض أهل الحديث أن الروايات اختلفت في هذا فروى الأسود عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إماما وروى سفيان عنها أن الإمام أبو بكر فلم يجز أن يترك له حديث أنس وجابر. ويشبه أن يكون أبو داود إنما ترك ذكره لأجل هذه العلة.
وفي الحديث من الفقه أنه تجوز الصلاة بإمامين أحدهما بعد الاخر من غير حدث يحدث بالإمام الأول.
وفيه دليل على جواز تقدم بعض صلاة المأموم صلاة الإمام. وقوله فجحش شقه معناه أنه انسحج جلده والجحش كالخدش أو أكثر من ذلك.