فقال هل قرأ معي أحد منكم آنفا فقال رجل نعم يا رسول الله قال إني أقول ما لي أنازع القرآن قال فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه من الصلوات حين سمعوا ذلك منه.
قلت قوله فانتهى الناس عن القراءة من كلام الزهري لا من كلام أبي هريرة قال أبو داود وسمعت محمد بن يحيى يقول فانتهى الناس من كلام الزهري، وكذلك حكاه عن الأوزاعي.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ما لي أنازع القرآن معناه اداخَل في القرآن وأغالب عليها.
وقد تكون المنازعة بمعنى المشاركة والمناوبة، ومنه منازعة الناس في النِدام.
قال أبو داود: حدثنا ابن المثنى حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن زرارة عن عمران بن حصين أن نبي الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر فلما انفتل قال أيكم قرأ بسبح اسم ربك الأعلى فقال رجل أنا فقال علمت أن بعضكم خالجنيها.
قوله خالجنيها أي جاذبنيها، والخلج الجذب. وهذا وقوله نازعنيها سواء وإنما أنكر عليه محاذاته في قراءة السورة حتى تداخلت القراءتان وتجاذبتا.
وأما قراءة فاتحة الكتاب فإنه مأمور بها في كل حال إن أمكنه أن يقرأ في السكتتين فعل وإلا قرأ معه لا محالة.
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة فروي عن جماعة من الصحابة أنهم أوجبوا القراءة خلف الإمام وروي عن آخرين أنهم كانوا لا يقرؤون. وافترق الفقهاء فيها على ثلاثة أقاويل فكان مكحول والأوزاعي والشافعي وأبو ثور يقولون لا بد من أن يقرأ خلف الإمام فيما يجهر به وفيما لا يجهر. وقال الزهري ومالك وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق يقرأ فيما أسر الإمام فيه ولا يقرأ فيما جهر به.