وقوله في الطيرة ذلك شيء عفي نفوسهم فلا يضرهم يريد أن ذلك شيء يوجد في النفوس البشرية وما يعتري الإنسان من قبل الظنون والأوهام من غير أن يكون له تأثير من جهة الطباع أو يكون فيه ضرر كما كان يزعمه أهل الجاهلية.
وقوله وهنا رجال يخطون فإن الخط عند العرب فيما فسره ابن الأعرابي أن يأتي الرجل العراف وبين يديه غلام فيأمره بأن يخط في الرمل خطوطا كثيرة وهو يقول ابني عيان اسرعا البيان ثم يأمره أن يمحو منها اثنين اثنين ثم ينظر إلى آخر ما يبقى من تلك الخطوط فإن كان الباقي منها زوجا فهو دليل الفلح والظفر وإن كان فردا فهو دليل الخيبة واليأس.
وقوله فمن وافق خطمفذلك يشبه أن يكون أراد به الزجر عنه وترك التعاطي له إذ كانوا لا يصادقون معنى خط ذلك النبي لأن خطه كان علما لنبوته وقد انقطعت نبوته فذهبت معالمها.
وقوله آسف كما يأسفون معناه أغضب كما يغضبون ومن هذا قوله سبحانه {فلما آسفونا انتقمنا منهم}[الزخرف: ٥٥] وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم أعتقها فإنها مؤمنة ولم يكن ظهر له من إيمانها أكثر من قوله حين سألها أين الله فقالت في السماء وسألها من أنا فقالت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن هذا السؤال عن امارة الإيمان وسمة أهله وليس بسؤال عن أصل الإيمان وصفة حقيقته ولو أن كافرا يريد الانتقال من الكفر إلى دين الإسلام فوصف من الإيمان هذا القدر الذي تكلمت به الجارية لم يصر به مسلما حتى يشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبرى من دينه الذي كان يعتقده، وإنما هذا كرجل وامرأة يوجدان في بيت فيقال للرجل من هذه منك