وفي قوله عند الفراغ من التشهد ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه دليل على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليست بواجبة في الصلاة ولوكانت واجبة لم يخل مكانها منها ويخيره بين ما شاء من الأذكار والأدعية فلما وكل الأمر في ذلك إلى ما يعجبه منها بطل التعيين. وعلى هذا قول جماعة الفقهاء إلاّ الشافعي فإنه قال الصلاة على النبي في التشهد الأخير واجبة فإن لم يصل عليه بطلت صلاته؛ وقد قال إسحاق بن راهويه نحوا من ذلك أيضاً ولا أعلم للشافعي في هذا قدوة وأصحابه يحتجون في ذلك بحديث كعب بن عجرة وقد رواه أبو داود.
قال أبو داود: نا حفص بن عمر أنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال قلنا أو قالوا يا رسول الله أمرتنا أن نصلي وأن نسلم عليك فأما السلام فقد عرفناه فكيف نصلي، قال: قولوا اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد.
قالوا فقوله أمرتنا أن نصلي عليك يدل على وجوبه لأن أمره لازم وطاعته واجبة. وقوله قولوا اللهم صل على محمد أمر ثان يحب ائتماره ولا يجوز تركه. قالوا وقد أمرالله بالصلاة عليه فقال:{يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً}[الأحزاب: ٥٦] فكان ذلك منصرف إلى الصلاة لأنه إذا صرف إلى غيرها كان ندبا وإن صرف إليها كان فرضاً إذ لا خلاف أن الصلاة عليه غير واجبة في غير الصلاة فدل على وجوبها في الصلاة والله أعلم.
واختلفوا في التشهد هل هو واجب أم لا فروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال من لم يتشهد فلا صلاة له، وبه قال الحسن البصري وإليه ذهب