وأما حديث ابن بحينة وذي اليدين فإن مالكا اعتبرهما جميعاً وبنى مذهبه عليهما في الوهم إذا وقع في الصلاة فإن كان من زيادة زادها في صلب الصلاة سجد السجدتين بعد السلام لأن في خبر ذي اليدين أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم عن ثنتين وهو زيادة في الصلاة وإن كان من نقصان سجدهما قبل السلام لأن في حديث ابن بحينة أن النبي صلى الله عليه وسلم قام عن ثنتين ولم يتشهد وهذا نقصان في الصلاة. وذهب أحمد بن حنبل إلى أن كل حديث منها يتأمل صفته ويستعمل في موضعه ولا يحمل على الخلاف فكان يقول ترك الشك على وجهين أحدهما إلى اليقين والآخر إلى التحري. فمن رجع إلى اليقين فهو أن يلقى الشك ويسجد سجدتي السهو قبل السلام على حديث أبي سعيد الخدري. وإذا رجح إلى التحري وهو أكبر الوهم سجد سجدتي السهو بعد التسليم على حديث ابن مسعود.
فأما مذهب الشافعي فعلى الجمع بين الأخبار ورد المجمل منها إلى المفسر والتفسير إنما جاء في حديث أبي سعيد الخدري وهو قوله فليلق وليبن على اليقين وقوله إذا لم يدر أثلاثا صلى أو أربعا فليصل ركعة ويسجد سجدتين وهوجالس قبل السلام. وقوله فإن كانت الركعة التي صلاها خامسة شفعها بهاتين، وإن كانت رابعة فالسجدتان ترغيم للشيطان.
وهذه فصول في الزيادات حفظها أبو سعيد الخدري دون غيره من الصحابة، وقبول الزيادات واجب فكان المصير إلى حديثه أولى.
ومعنى التحري المذكور في حديث ابن مسعود عند أصحاب الشافعي هو البناء على اليقين على ما جاء تفسيره في حديث أبي سعيد الخدري.
وحقيقة التحري هو طلب أحرى الأمرين وأولاهما بالصواب وأحراهما ما جاء