نرمي غرضين لنا حتى إذا كانت الشمس قِيدَ رمحين أو ثلاثة في عين الناظر من الأفق اسودت حتى آضت كأنها تَنُّومَةَ فقال أحدنا لصاحبه انطلق بنا إلى المسجد فوالله ليُحدثن شأن هذه الشمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته حَدثا قال فدُفعنا إلى المسجد فإذا هو بارز وذكر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه قام بنا كأطول ما قام بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتاً.
قلت التنوم نبت لونه إلى السواد ويقال بل هوشجر له ثمركمد اللون.
وقوله فإذا هو بارز تصحيف من الراوي وإنما هو بأزز أي بجمع كثير، تقول العرب الفضاء منهم أزز والبيت منهم أزز إذا غص بهم لكثرتهم، وقد فسرناه في غريب الحديث. وفي قوله فلم نسمع له صوتا دليل على صحة إحدى الروايتين لعائشة أنه لم يجهر فيها بالقراءة.
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكد يركع ثم ركع فلم يكد يرفع ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع ثم رفع فلم يكد يسجد ثم سجد فلم يكد يرفع ثم رفع ثم فعل في الأخرى مثل ذلك ثم نفخ في آخر سجوده فقال أف، ثم قال رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم، ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون ففرغ من صلاته وقد امَّحصت الشمس.
قوله امحصت الشمس معناه انجلت، واصل المحص الخلوص يقال محصت الشيء محصا إذا خلصته من الشوب، فامحص إذا خلص منه. ومنه التمحيص من الذنوب وهو التطهير منها.