وقد اختلف الناس في الجمع بين الصلاتين في غير يوم عرفة بعرفة وبالمزدلفة فقال قوم لا يجمع بين صلاتين ويصلي كل واحدة منهما في وقتها يروى ذلك عن إبراهيم النخعي وحكاه عن أصحاب عبد الله، وكان الحسن ومكحول يكرهان الجمع في السفر بين الصلاتين.
وقال أصحاب الرأي إذا جمع بين الصلاتين في السفر أخر الظهر إلى آخر وقتها وعجل العصر في أول وقتها ولا يجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما، ورووا عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يجمع بينهما كذلك.
وقال كثيرمن أهل العلم يجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما إن شاء قدم العصر وإن شاء أخر الظهر على ظاهر الأخبار المروية في هذا الباب، هذا قول ابن عباس وعطاء بن أبي رباح وسالم بن عبد الله وطاوس ومجاهد، وبه قال من الفقهاء الشافعي وإسحاق بن راهويه، وقال أحمد بن حنبل إن فعل لم يكن به بأس.
قلت ويدل على صحة ما ذهب هؤلاء إليه حديث ابن عمرو وأنس عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكرهما أبو داود في هذا الباب.
قال أبو داود: حدثنا سليمان بن داود العتكي حدثنا حماد عن أيوب عن نافع أن ابن عمر استُصرخ على صفية وهو بمكة فسار حتى غربت الشمس وبدت النجوم فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عجل به أمر في سفر جمع بين هاتين الصلاتين فسار حتى غاب الشفق ثم نزل فجمع بينهما.
قال أبو داود: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا المفضَّل عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى