قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة والمشركون أمامه فصف خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم صفُّ وصفَّ بعد ذلك الصف صف آخر فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وركعوا جميعا ثم سجد وسجد الصف الذين يلونه وقام الآخرون يحرسونهم فلما صلى هؤلاء السجدتين وقاموا سجد الآخرون الذين كانوا خلفهم ثم تأخر الصف الذي يليه إلى مقام الآخرين وتقدم الصف الآخر إلى مقام الصف الأول ثم ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وركعوا جميعا، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه وقام الآخرون يحرسونهم فلما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم والصف الذي يليه سجد الآخرون ثم جلسوا جميعا فسلم عليهم جميعا فصلاها بعسفان وصلاها يوم بني سليم.
قال أبو داود رواه جابر وابن عباس وأبو موسى نحو هذا المعنى.
قلت صلاة الخوف أنواع وقد صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أيام مختلفة وعلى أشكال متباينة يتوخى في كلًّ ما هو أحوط للصلاة وأبلغ في الحراسة وهي على اختلاف صورها مؤتلفة في المعاني وهذا النوع منها هو الاختيار إذا كان العدو بينهم وبين القبلة. وإن كان العدو وراء القبلة صلى بهم صلاته في يوم ذات الرقاع وقد ذكره أبو داود في هذا الباب.
قال أبو داود: حدثنا القعنبي عن مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوّات عن من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه وطائفة وجاه العدو فصلى بالتي معه ركعة ثم ثبت قائماً وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا وصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالساً وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم.
قلت وإلى هذا ذهب مالك والشافعي إذا كان العدو من ورائهم.