من الأشياء التي تذكر على سبيل التعليل لتحريم شيء أو لنهي عن شيء أمور لا تدرك معانيها من طريق الحس والعيان، وإنما يجب علينا الإيمان بها والتصديق بمخبوءاتها والانتهاء إلى أحكامها التي علقت بها وقد ذكرت فيما تقدم من الكتاب ما قيل في معنى قرني الشيطان وحكيت في ذلك أقوالا لأهل العلم فأغنى عن إعادتها ههنا.
قال أبو داود: حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة، عَن أبي إسحاق عن الأسود ومسروق قالا نشهد على عائشة أنها قالت ما من يوم يأتي على النبي صلى الله عليه وسلم إلاّ صلى بعد العصر ركعتين.
قلت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الوقت قد قيل أنه مخصوص بها، وقيل إن الأصل فيه أنه صلاها يوما قضاء لفائت ركعتي الظهر وكان صلى الله عليه وسلم إذا فعل فعلا واظب عليه ولم يقطعه فيما بعد.
قال أبو داود: حدثنا عبد الله النفيلي حدثنا ابن عُلَية عن الجُريري عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة لمن شاء.
قلت أراد بالأذانين الأذان والإقامة حمل أحد الاسمين على الآخر والعرب تفعل ذلك كقولهم الأسودين للتمر والماء، وإنما الأسود أحدهما، وكقولهم سيرة العمرين يريدون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وإنما فعلوا ذلك لأنه أخف على اللسان من أن يثبتوا كل اسم منهما على حدته ويذكروه بخاص صفته، وقد يحتمل أن يكون ذلك في الأذانين حقيقة الاسم لكل واحد منهما لأن الأذان في اللغة معناه الإعلام. ومنه قوله تعالى {وأذان من الله ورسوله}[التوبة: ٣] فالنداء