أهله عليه فذكر ذلك لعائشة فقالت وَهَل تعني ابن عمر إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر يهودي فقال إن صاحبه ليعذب وأهله يبكون عليه ثم قرأت {ولا تزر وازرة وزر أخرى}[الأنعام: ١٦٤] ولم يقل عبدة يهودي.
قلت قد يحتمل أن يكون الأمر في هذا على ما ذهبت إليه عائشة لأنها قد روت أن ذلك إنما كان في شأن يهودي والخبر المفسر أولى من المجمل ثم احتجت له بالآية، وقد يحتمل أن يكون ما رواه ابن عمر صحيحا من غير أن يكون فيه خلاف الآية وذلك أنهم كانوا يوصون أهليهم بالبكاء والنوح عليهم وكان ذلك مشهورا من مذاهبهم وهو موجود في أشعارهم كقول القائل وهو طرَفة:
إذا مت فأنعيني بما أنا أهله ... وشقي عليّ الجيب يا أم معبد
وكقول لَبيد:
فقوما فقولا بالذي تعلمانه ... ولا تخمشا وجهاً ولا تحلقا الشعر
وقولا هو المرء الذي لا صديقه ...أضاع ولا خان الأمين ولا غدر
إلى الحول ثم اسم لسلام عليكما ...ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر
ومثل هذا كثير في أشعارهم وإذا كان كذلك فالميت إنما تلزمه العقوبة في ذلك بما تقدم من أمره إياهم بذلك وقت حياته، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها، وقولها وهل ابن عمر معناه ذهب وهَله إلى ذلك يقال وهل الرجل ووهم بمعنى واحد كل ذلك بفتح الهاء فإذا قلت وهل بكسر الهاء كان معناه فزِع.
وفيه وجه آخر ذهب إليه بعض أهل العلم، قال وتأويله أنه مخصوص في بعض الأموات الذين وجب عليهم بذنوب اقترفوها وجرى من قضاء الله سبحانه