وفي قوله ومن بلغت صدقته ابنة مخاض وليس عنده إلاّ ابن لبون ذكر فإنه يقبل منه وليس معه شيء دليل على أن ابنة المخاض ما دامت موجودة فإن ابن اللبون لا يجزىء عنها وموجب هذا الظاهر أنه يقبل منه سواء كانت قيمته قيمة ابنة مخاض أو لم يكن ولوكانت القيمة مقبولة لكان الأشبه أن يجعل بدل ابنة مخاض قيمتها دون أن يؤخذ الذكران من الإبل فإن سنة الزكاة قد جرت بأن لا يؤخذ فيها إلاّ الإناث إلاّ ما جاء في البقر من التبيع.
وزعم بعض أهل العلم أنه إذا وجد قيمة ابنة مخاض لم يقبل منه ابن لبون لأن واجد قيمتها كواجد عينها ألا ترى أن من وجد ثمن الرقبة في الظهار لم ينتقل إلى الصيام.
قلت وهذا خلاف النص وخلاف القياس الذي قال وتمثل به وذلك أنه قال في الآية فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فعلق الحكم بالوجود ووجود القيمة وجود لما يتقوم بها، وإنما قال في الحديث ومن بلغت صدقته ابنة مخاض وليس عنده إلاّ ابن لبون ذكر فإنه يقبل منه فعلق الحكم بكونه عنده لا بقدرته عليه فالأمران مختلفان.
وأما قوله ابن لبون ذكر وتقييده إياه بهذا الوصف وقد علم لا محالة ان ابن اللبون لا يكون إلاّ ذكرا فقد يحتمل ذلك وجهين من التأويل، أحدهما أن يكون توكيدا للتعريف وزيادة في البيان وقد جرت عادة العرب بأن يكون خطابها مرة على سبيل الإيجاز والاختصار ومرة على العدل والكفاف ومرة على الإشباع والزيادة في البيان، وهذا النوع كقوله سبحانه {فصيام ثلاثة أيام