وفيه دليل على أنه لا يجوز دفع شيء من صدقات أموال المسلمين إلى غير أهل دينهم، وهو قول عامة الفقهاء.
وفيه دليل على أن سنة الصدقة أن تدفع إلى جيرانها وأن لا تنقل من بلد إلى بلد. وكره أكثر الفقهاء نقل الصدقة من البلد الذي به المال إلى بلد آخر إلاّ أنهم مع الكراهة له قالوا إن فعل ذلك أجزأه، إلاّ عمر بن عبد العزيز فإنه يروى عنه أنه رد صدقة حملت من خراسان إلى الشام إلى مكانها من خراسان.
وفيه مستدل لمن ذهب إلى إسقاط الزكاة عمن في يده مائتا درهم وعليه من الدين مثلها لأن له أخذ الصدقة وذلك من حكم الفقراء. وقد قسم النبي صلى الله عليه وسلم الناس قسمين: آخذاً ومأخوذا منه فإذا جعلناه معطى مأخوذاً منه كان خارجا عن هذا التقسيم. ولكن قد جوز أبوحنيفة أن يأخذ من عشر الأرض من يعطي العشر وذلك أن العشر في القليل والكثير عنده واجب.
وقد يستدل بهذا الحديث من يذهب إلى وجوب الزكاة في مال الأيتام وذلك أنه لما كان معدوداً من جملة الفقراء الذين تقسم فيهم الزكاة كان معدودا في جملة الأغنياء الذين تجب عليهم الزكاة إذ كان آخر الكلام معطوفا على أوله.
وقد اختلف الناس في ذلك فأوجبها في ماله مالك والثوري والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وعلى وابن عمر وجابر وعائشة، وهو قول عطاء وطاوس ومجاهد وابن سيرين.
وقال الأوزاعي وابن أبي ليلى عليه الزكاة ولكن يحصيها الولي فإذا بلغ الطفل أعلمه ليزكي عن نفسه.
وقال أصحاب الرأي لا زكاة عليه في ماله إلاّ فيما أخرجت أرضه ويلزمه زكاة الفطر.