النهر والسيح في وجوب العشر فيها وإن كان تكثر مؤنتها بأن لا تزال تتداعى وتنهار ويكثر نضوب مائها فيحتاج إلى استحداث حفر فسبيلها سبيل ماء الآبار التي تنزح منها بالسواني والله أعلم.
قال أبو داود: حدثنا الربيع بن سليمان حدثنا ابن وهب عن سليمان، يَعني ابن بلال عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن فقال خذ الحب من الحب والشاة من الغنم والبعير من الإبل والبقرة من البقر.
قلت فيه من الفقه أن الزكاة إنما تخرج من أعيان الأموال وأجناسها ولا يجوز صرف الواجب منها إلى القِيَم.
وفيه دليل على أن من وجبت عليه شاة في خمس من الإبل فأعطى بعيراً منها فإنه يقبل منه. وقال داود لا يقبل منه ذلك ويكلف الشاة لأنه خلاف المفروض عليه وحكي ذلك عن مالك أيضاً.
قلت الأصل أن الواجب عليه في كل جنس من أجناس الأموال جزء منه إلاّ أن الضرورة دعت في هذا إلى العدول عن الأصل إلى غيره وذلك لأمرين أحدهما أن الزكاة أمرها مبني على أخذ القليل من الكثير فلو كان البعير مأخوذا من الخمس لكان خمس المال مأخوذا وهو كثير وفي ذلك إجحاف بأرباب الأموال، والمعنى الآخر أنه لو جعل فيها جزء من البعير لأدى ذلك إلى سوء المشاركة باختلاف الأيدي على الشخص الواحد فعدل عنه إلى الشاة إرفاقا للمعطي والآخذ والله أعلم، فإذا أعطى رب المال بعيرا منها فقد تبرع بالزيادة على الواجب وكان عليه مأجورا إن شاء الله.