وفائدة الخرص ومعناه أن الفقراء شركاء أرباب الأموال في الثمر فلو منع أرباب المال من حقوقهم ومن الانتفاع بها إلى أن تبلغ الثمرة غاية جفافها لأضر ذلك بهم ولو انبسطت أيديهم فيها لأخل ذلك بحصة الفقراء منها إذ ليس مع كل أحد من التقية ما تقع به الوثيقة في أداء الأمانه فوضعت الشريعة هذا العيار ليتوصل به أرباب الأموال إلى الانتفاع ويحفظ على المساكين حقوقهم. وإنما يفعل ذلك عند أول وقت بدو صلاحها قبل أن يؤكل ويستهلك ليعلم حصة الصدقة منها فيخرج بعد الجفاف بقدرها تمرا وزبيبا.
وفيه دليل على صحة القسمة في الثمار بين الشركاء بالخرص لأنه إذا صح أن يكون عيارا في إفراز حصة الفقراء من حصة أرباب الأموال كان كذلك عيارا في إفراز حصص الشركاء.
قلت ولم يختلف أحد من العلماء في وجوب الصدقة في التمر والزبيب.
واختلفوا في وجوب الصدقة في الزيتون، فقال ابن أبي ليلى لازكاة فيه لأنه أُدْم غير مأكول بنفسه وهو آخر قولي الشافعي. وأوجبها أصحاب الرأي وهو قول مالك والأوزاعي والثوري إلاّ أنهم اختلفوا في كيفية ما يؤخذ من الواجب فيه فقال أصحاب الرأي يؤخذ من ثمرته العشر أو نصف العشر.
وقال الأوزاعي يؤخذ العشر منه بعد أن يعصر زيتا صافياً.
وأما الحبوب فقد اختلف العلماء فيها فقال أصحاب الرأي تجب الصدقة في الحبوب ما كان مقتاتاً منها أو غير مقتات.
وقال الشافعي كل ما جمع من الحبوب أن يزرعه الآدميون وييبس ويدخر ويقتات ففيه الصدقة. فأما ما يتفكه به أوما يؤتدم به أو يتداوى به فلا شيء فيه.