قلت سهم السبيل غير سهم ابن السبيل وقد فرق الله بينهما بالتسمية وعطف أحدهما على الآخر بالواو الذي هو حرف الفرق بين المذكورين المنسوق أحدهما على الآخر فقال {وفي سبيل الله وابن السبيل}[التوبة: ٦٠] والمنقطع به هو ابن السبيل فأما سهم ابن السبيل فهو على عمومه وظاهره في الكتاب. وقد جاء في هذا الحديث ما بينه ووكد أمره فلا وجه للذهاب عنه.
وفي قوله أو رجل اشتراها بماله دليل على أن المصدق إذا تصدق بالشيء ثم اشتراه من المدفوع إليه فإن البيع جائز وقد كرهه أكثر العلماء مع تجويزهم البيع في ذلك. وقال مالك بن أنس إن اشتراه فالبيع مفسوخ.
وأما الغارم الغني فهو الرجل يتحمل الحمالة ويدَّان في المعروف وإصلاح ذات البين وله مال إن بيع فيها افتقر فيوفر عليه ماله ويعطي من الصدقة ما يقضي به دينه، وأما الغارم الذي يدَّان لنفسه وهو معسر فلا يدخل في هذا المعنى لأنه من جملة الفقراء.
وأما العامل فإنه يعطى منها عمالة على قدر عمله وأجرة مثله فسواء كان غنياً أو فقيراً فإنه يستحق العمالة إذا لم يفعله متطوعاً، وأن المهدى له الصدقة فهو إذا ملكها فقد خرجت عن أن تكون صدقة وهي ملك لمالك تام الملك جائز التصرف في ملكه.
وقد روي أن بريرة أهدت لعائشة لحماً تصدق به عليها فقربته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرته بشأنها فقال هذا أوان بلغت حلها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحل له الصدقة.