والخازن هو الذي يكون بيده حفظ الطعام والمأكول من خادم وقهرمان وقيم لأهل المنزل في نحو ذلك من أمر الناس وعاداتهم في كل أرض وبلد وليس ذلك بأن تقتات المرأة أو الخازن على رب البيت بشيء لم يؤذن لهما فيه ولم يطلق لهما الإنفاق منه بل يخاف أن يكونا آثمين إن فعلا ذلك والله أعلم.
قال أبو داود: حدثنا محمد بن سوَّار المصري حدثنا عبد السلام بن حرب عن يونس بن عبيد عن زياد بن جبير بن حية عن سعد. قال لما بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء قامت امرأة جليلة كأنها من نساء مضر فقالت ما نبي الله أنأكل على آبائنا وأبنائنا فما يحل لنا من أموالهم قال الرطب تأكلنه وتهدينه.
قوله امرأة جليلة الجليلة تكون بمعنيين أحدهما أن تكون خليقة جسيمة يقال امرأة خليقة وخلِّيقاء كذلك والآخر أن تكون بمعنى المسنة يقال جل الرجل إذا كبر وأسن وجلت المرأة إذا عجزت وإنما خص الرطب من الطعام لأن خطبه أيسر والفساد إليه أسرع إذا ترك فلم يؤكل وربما عفن ولم ينتفع به فيصير إلى أن يلقى ويرمى به وليس كذلك اليابس منه لأنه يبقى على الخزن وينتفع به إذا رفع وادخر فلم يأذن لهم في استهلاكه، وقد جرت العادة بين الجيرة والأقارب أن يتهادوا رطب الفاكهة والبقول وأن يغرفوا لهم من الطبيخ وأن يتحفوا الضيف والزائر بما يحضرهم منها فوقعت المسامحة في هذا الباب بأن يترك الاستئذان له وأن يجري على العادة المستحسنة في مثله وإنما جاء هذا فيمن ينبسط إليه في ماله من الآباء والأبناء دون الأزواج والزوجات فإن الحال بين الوالد والولد ألطف من أن يحتاج معها إلى زيادة استقصاء في الاستثمار للشركة