الاستمتاع منها إلاّ بالقدر الذي لا يخرجه عن حد الفقر إلى حد الغنى فلما أباح له الاستمتاع بها كلها دل أن حكم الغني والفقير لا يختلف في ذلك وإلى هذا ذهب الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. وقد روي عن عمر بن الخطاب وعائشة إباحة التملك والاستمتاع بعد السنة.
وقالت طائفة إذا عرفها سنة ولم يأت صاحبها تصدق بها روي ذلك عن علي وابن عباس وهو قول الثوري وأصحاب الرأي وإليه ذهب مالك.
وفي قوله من رواية حماد فإن جاء صاحبها فعرف عددها ووكاءها فادفعها إليه دلالة على أنه إذا وصف اللقطة وعرف عددها دفعت إليه من غير تكليف بينة سواها وهو مذهب مالك وأحمد. وقال الشافعي إن وقع في نفسه أنه صادق وقد عرف الرجل العفاص والوكاء والعدد والوزن دفعها إليه إن شاء ولا أخبره على ذلك إلاّ ببينة لأنه قد يصيب الصفة بأن يستمع الملتقط يصفها وكذلك قال أصحاب الرأي.
قلت ظاهر الحديث يوجب دفعها إليه إذا أصاب الصفة وهو فائدة قوله عفاصها ووكاءها فإن صحت هذه اللفظة في رواية حماد وهي قوله فعرف عددها فادفعها إليه كان ذلك أمراً لا يجوز خلافه وإن لم يصح فالاحتياط مع من لم يرالرد إلاّ بالبينة لقوله عليه السلام البينة على المدعي.
ويتأول على هذا المذهب قول اعرف عفاصها ووكاءها على وجهين أحدهما أنه أمره بذلك لئلا يختلط بماله فلا يتميز منه والوجه الآخر لتكون الدعوى فيها معلومة فإن الدعوى المبهمة لا تقبل.
قلت وأمره بإمساك اللقطة وتعريفها أصل في أبواب من الفقه إذا عرضت