قال أبو داود ما أقل من يقول هذه الكلمة، يَعني يصبح جنبا في رمضان وإنما الحديث أنه كان يصبح جنبا ًوهو صائم.
قلت قد أجمع عامة العلماء على أنه إذا أصبح جنبا في رمضان فإنه يتم صومه ويجزئه غير أن إبراهيم النخعي فرق بين أن يكون ذلك منه في الفرض وبين أن يكون في التطوع فقال يجزئه في التطوع ويقضي في الفريضة. وهذه اللفظة التي زادها الأذرمي إن ثبتت فهي حجة عليه من جهة النص وإلا فسائر الأخبار حجة عليه من جهة العموم وكان أبوهريرة يفتي بأن من أصبح جنبا فلا صوم له وكان يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما بلغه حديث عائشة وأم سلمة قال هما أعلم بذلك إنما أخبرنيه الفضل بن العباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فتكلم الناس في معنى ذلك فأحسن ما سمعت في تأويل ما رواه أبو هريرة في هذا أن يكون ذلك محمولا على النسخ وذلك أن الجماع كان في أول الإسلام محرما على الصائم في الليل بعد النوم كالطعام والشراب، فلما أباح الله الجماع إلى طلوع الفجر جاز للجنب إذا أصبح قبل أن يغتسل أن يصوم ذلك اليوم لارتفاع الخطر المتقدم فيكون تأويل قول من أصبح جنبا فلا يصوم أي من جامع في الصوم بعد النوم فلا يجزئه صوم غده لأنه لا يصبح جنبا إلاّ وله أن يطأ قبل الفجر بطرفة عين فكان أبو هريرة يفتي بما سمعه من الفضل بن العباس على الأمرالأول ولم يعلم بالنسخ فلما سمع خبر عائشة وأم سلمة صار إليه. وقد روي عن ابن المسيب أنه قال رجع أبو هريرة عن فتياه فيمن أصبح جنبا أنه لا يصوم.
قلت وقد يتأول ذلك أيضاً على وجه آخر من حيث لا يقع فيه النسخ وهو أن يكون معناه من أصبح مجامعا فلا صوم له والشيء قد يسمى بسم غيره إذا