وحكي عنه أنه قال الإطعام أحب إلي من العتق. وفيه دلالة من جهة الظاهر أن كفارة الإطعام مد واحد لكل مسكين لأن خمسة عشر صاعا إذا قسمت بين ستين لم يخص كل واحد منهم أكثر من مد وإلى هذا ذهب مالك والشافعي.
وقال أصحاب الرأي يطعم كل مسكين نصف صاع. وفي قوله وصم يوماً واستغفر الله بيان أن صوم ذلك اليوم الذي هو القضاء لا يدخل في صيام الشهرين الذي هو الكفارة وهو مذهب عامة أهل العلم غير الأوزاعي فإنه قال يدخل صوم ذلك اليوم في صيام الشهرين قال فإن كفر بالعتق أو بالإطعام صام يوما مكانه.
قلت وفي أمره الرجل بالكفارة لما كان منه من الجنابة دليل على أن على المرأة كفارة مثلها لأن الشريعة قد سوت بين الناس في الأحكام إلاّ في مواضع قام عليه دليل التخصيص وإذا لزمها القضاء لأنها أفطرت بجماع متعمد كما وجب على الرجل وجبت عليها الكفارة لهذه العلة كالرجل سواء وهذا مذهب أكثر العلماء.
وقال الشافعي يجزيهما كفارة واحدة وهي على الرجل دونها. وكذلك قال الأوزاعي إلاّ أنه قال إن كانت الكفارة بالصيام كان على كل واحد منهما صوم شهرين.
واحتجوا لهذا القول بأن قول الرجل أصبت أهلي سؤال عن حكمه وحكمها لأن الإصابة معناها أنه واقعها وجامعها، وإذا كان هذا الفعل قد حصل منه ومنها معاً ثم أجاب النبي صلى الله عليه وسلم عن المسألة فأوجب فيها كفارة واحدة على الرجل ولم يعرض لها بذكر دل أنه لا شيء عليها وأنها مجزئة في الأمرين معاً ألا ترى أنه بعث اُنيساً إلى المرأة التي رميت بالزنا وقال إن اعترفت فارجمها فلم يهمل حكمها لغيبتها عن حضرته فدل هذا على أنه لورأى عليها كفارة لألزمها ذلك