في دار أسامة بن زيد فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا فقال النبي صلى الله عليه وسلم على رسلكما أنها صفية بنت حُيي قالا سبحان الله يا رسول الله، قال إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا أو شرا.
قلت حكي لنا عن الشافعي أنه قال كان ذلك منه صلى الله عليه وسلم شفقة عليهما لأنهما لو ظنا به ظن سوء كفرا فبادر إلى إعلامهما ذلك لئلا يهلكا.
قلت وفيه أنه خرج من المسجد معها ليبلغها منزلها وفي هذا حجة لمن رأى أن الاعتكاف لا يفسد إذا خرج في واجب وأنه لا يمنع المعتكف من إتيان معروف.
قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا عبد السلام بن حرب أخبرنا الليث بن أبى سليم عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قال النفيلي قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يعود المريض وهومعتكف فيمر كما هو فلا يعرج يسأل عنه. قال وحدثنا وهب بن بقية حدثنا خالد عن عبد الرحمن، يَعني ابن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة أنها قالت السنة على المعتكف أن لا يعود مريضا ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلاّ لما لا بد منه ولا اعتكاف إلاّ بصوم ولا اعتكاف إلاّ في مسجد جامع.
قلت قولها السنة إن كانت أرادت بذلك إضافة هذه الأمور إلى النبي صلى الله عليه وسلم قولا أو فعلا فهي نصوص لا يجوز خلافها وإن كانت أرادت به الفتيا على معاني ما عقَلت من السنة فقد خالفها بعض الصحابة في بعض هذه الأمور، والصحابة إذا اختلفوا في مسألة كان سبيلها النظر، على أن أبا داود قد ذكر على أثر هذا الحديث أن غير عبد الرحمن بن إسحاق لا يقول فيه إنها قالت السنة فدل ذلك على احتمال أن يكون ما قالته فتوى منها وليس برواية عن النبي صلى الله عليه وسلم ويشبه