وزعم داود أنه لا شيء على القارن وإنما فر بذلك عن القياس وذلك أن أكثر أهل العلم قاسوا دم القران على دم المتعة إذ هو منصوص عليه ولم يكن عنده في القارن نص فأبطله.
قال أبو داود: حدثنا حفص بن عمر التمري وأبو الوليد الطيالسي قالا: حَدَّثنا شعبة عن قتادة قال أبو الوليد قال سمعت أبا حسان عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بذي الحليفة ثم دعا ببدنته فأشعرها من صفحة سنامها الأيمن ثم سلت الدم عنها وقلدها نعلين ثم أتى براحلته فلما قعد عليها واستوت به على البيداء أهل بالحج.
قلت الإشعار أن يطعن في سنامها بمبضع أو نحو ذلك حتى يسيل دمها فيكون ذلك علَماً أنها بدنه ومنه الشعار في الحروب وهو العلامة التي يعرف بها الرجل صاحبه ويميز بذلك بينه وبين عدوه.
وفيه بيان أن الإشعار ليس من جملة ما نهي عنه من المثلة ولا أعلم أحدا من أهل العلم أنكر الإشعار غير أبي حنيفة وخالفه صاحباه وقالا في ذلك بقول عامة أهل العلم، وإنما المثلة أن يقطع عضو من البهيمة يراد به التعذيب أو تبان قطعة منها للأكل كما كانوا يفعلون ذلك من قطعهم أسنمة الإبل واليات الشاء يبينونها والبهيمة حية فتعذب بذلك، وإنما سبيل الإشعار سبيل ما أبيح من الكي والتبزيغ والتوديج في البهائم وسبيل الختان والفصاد والحجامة في الآدميين؛ وإذا جاز الكي واللدغ بالميسم ليعرف بذلك ملك صاحبه جاز الإشعار ليعلم أنه بدنه نسك فتتميز من سائر الإبل وتصان فلا يعرض لها حتى تبلغ المحل وكيف